حلّت اليوم ذكرى يومِ مولدي أو عيدِ ميلادي…
وكما كلِّ عامٍ…أتساءَل…
لأيِّ شيءٍ سأحتفل..
ولأيِّ شيءٍ سيحتفي بيَ الآخرُون..
هل ذلك لِـ لحْظة قُدومي لهذا العالم..؛ فلا بُدّ وأنّ شيءَ مّا في الكونِ قد تغيّر، حينما تجلّت روحي في هذا الوجود…
أم أنه لإكمالي عاماً آخر بعد أن ملأتُ وريقاتِه بالغثِّ والسّمين قبل تسليمه للماضي، وهذا كتابٌ آخرَ أتى..؛ وعلي أن أستفتِح أولى صفحاتِه البيضاء باحتفال وأمنياتٍ جديدة…؛
ولأن الحياةُ رسائِل.. فعليّ أن أُرسِل للكون اشاراتٍ تُوحي بالفرح لِمجيءِ هذه الفرصةُ الجديدة…
فأدعو الأحباب…وأستقبِل التهاني والتّمنيات من الآخرين..؛
دون أن أعرِف ماتعنيه بالعُمق…
فهل هو تقليد..؛ ومن المُتوقّع من الأهلِ والأصدقاءِ أن يُظهروا لي فيه شيئاً من الحُب على شكلِ تهاني أو هدايا..
أم أنّه عادة؛ كما “صباحُ الخيرِ” و”كيْف الحال” دون اهتمام ٍحقيقي بالرد الذي يأْتي مُعلّباً في العادة…
هل يقُولونها مع امتنانٍ ليوم أتيتُ فيه لأكُون في عالمِهم…
أم أنَّ الموضوع لا يعْدُو عن كونِه مجاملاتٍ وإعادة تدويرٍ للتّهاني والهدايا…
فهل تسَاءلت يوماً لماذا نحتفل…
لماذا نَضعُ الكعك والشُّموع ونُطفِيء اللّهب بأُمنيةٍ نهمِسُ بها في قلوبنا…
هل ملأتْ عقْلك تساؤلاتٍ حول عيد الميلاد وطُقوس الآخرين في الإحتفاء به..؛
ولماذا يعتبرُه البعض أهم يومٍ في السّنة، فـ يُقيموا خلالَه حفلاتٍ يراها أو يسمعُ بها القاصي والداني؛
بينما لا يُعيره آخرون أي اهتمامٍ، وربما يتفادون الإشارة له..
والبعضُ الآخر يجلس بصمتٍ، بانتظار مفاجأة احتفاءٍ من الآخرين..
هل هُو “دخيل” كما قالوا عنْه..؛ أم أنّه كـ كُلّ شيءٍ جديد في أي ثقافة و عصر، لابُد وأن يُصاحِبه الكثيرُ من الجدل.. لتصْدُر فتاوى دينية تُحرِّمُه، وأُخرى تُبيحُه..
وسواءً كُنت تعتنق الإسلام أو المسيحية.. فكِلاهُما حرّمه..
ومازالت الشُّبهاتِ تحُوم حوله.. دينياً..وربما ثقافياً..
❝❞❝❞
هل تعرف بأن أول عيد ميلاد أُقيم في هذا العالم كان احتفاءً بـولادة إلـه... فأنت كبشري لا تستحق الاحتفاء بعيد مولدك…حسب منظورِهِم! وتلك الشموع والأشخاص المجتمعين حولك بأهازيج أغنية الميلاد هم هنالك في الأصل لحمايتك من الأرواح الشريرة… أما تلك الأغنية التي يترنم بها كل شخصٍ حين يحل هذا اليوم فقد كانت في الأصلِ "صباحُ الخير للجميع" وكُتبت ليُنشدها الأطفال في المدرسة…
❝❞❝❞
دعني آخذك في رحلةٍ إلى العام 3000 قبل الميلاد، على أرض مِصْر القديمة..
حيث بدأ الفراعنة الاحتفال بهذا اليوم..
لكن ذلك لم يكن احتفاءً بولادة أحدهم في هذا العالم، بل احتفالاً بولادة إله…نعم إله..
فالاحتفال بتتويج الفرعون هو إيذانٌ بولادته كإله..
حيث يؤمن الفراعنة بتحوُّلِهم لآلهة عند تتويجِهم..
لتُصبح تلك اللحظة في حياتهم أهمَّ من ولادتِهم الجسَدية.
❝❞❝❞
حتى ذلك الوقت لم يكن لوجود الكعْكِ أو الشُّموع ذِكرٌ أو وُجود..
ولأن الإغريق يُقدِّمون الكثير من القرابينِ لآلهتهم كنوعٍ من الثّناء والإجلال؛ قاموا بتقديم كعْكٍ مدورٍ كشكل القمر وأحاطوه بالشموع المشتعلة لمُُحاكاة شعاع القمرِ المُضيء وجمال إلهتهم “آرتيميس”…إلهة القمر..
إضافة إلى ذلك؛ وضعوا الشُّموع بهدف إرسال إشاراتٍ أو صلواتٍ لآلهتهم، ومن ثم نفخُها مع أمنية كطريقةٍ أخرى لإرسال هذه الرسالة إلى الآلهة.
ويقال أن الإغريق أخذوا فكرة الإحتفال بعيد الميلاد من الفراعنة؛ حيث بدأ لديهم كشكلٍ من أشكال الحماية؛
فلدى الإغريق وكثيرٍ من الحضارات الوثنية معتقدٌ أنّ بعض الأيام كـ أيّام عيدِ الميلاد تسْتقطبُ الأرواح الشريرة.
❝❞❝❞
فهل تحمِل الشُّموع والاحتفالات معاني أو رسائِل أخرى..؟
يُؤمن الإغريقيون القدامى بأنّ الشخص يكون أقرب لعالم الأرواح في يوم ميلاده؛ حيث تظهر روحُه الحامية أو الشيطان..
وذلك يعني أنّ كل شخصٍ سيكون عُرضة لتعاويذ الخير والشر في يوم ميلاده..!
كما آمنوا أيضاً بأن لتلك الروحِ الحامية علاقة ٌصوفية مع الشخص، وتستمر في مراقَبتِه طوال حياتِه…؛
وباحتفالك بِيوم ميلادِك، تُدرك قُرب هذه الرُّوح….
لذلك فإن إضاءة تِلك الشُّموع ماهو إلا استجابةٌ لِتلك الأرواح.. لتُمثّل الضوء في العُتمة..
مايعني أنّ الغرض منها هو الحِماية من تلك الأرواح الشريرة..
وليست الشُّموع وحدها التي استُخدِمت لغرض الحِماية؛ فوجود العائلة والأصدقاء حول الشّخص المُحتفى به هو نوع من أنواع الحماية، حيث يُحيطونه بأُمنياتِهم الطّيبة.. .
وحين تُحضر هديةً لأحدِهِم، فأنت تُساهم في حمايته؛ فالهدايا تجلُبُ المزيد من البهْجة التي من شأنها طردُ الأرواح الغير مرغوب فيها…
أما ازدياد الصَّخب والضَّوْضاء أثناء الاحتفال، فهو شكلٌِ من أشكال طرد تلك الأرواح…
❝❞❝❞
وكما رأينا سابقا.. كانت الإحتفالات مقتصرةً على الآلهة.؛
حتى احتفل الرومانُ ولأول مرة في التاريخ بأعياد ميلاد كِبار رجال الدولة، وجعلوها عطلاً رسميةً تكريماً لهُم..
كما احتفل عامة الشعب أيضا بأعياد ميلاد أفراد عائِلاتهم وأصدِقاءهم..
وكان كل روماني يصِلُ لعُمر الخمسين عاماً، يحصُل على كعكةٍ خاصّة يتم خبزُها بدقيق القمحِ وزيت الزُّيتون والجبن والعسَل…
؛ولكنّ هذا الاحتفال كان مقتصراً فقط على الرجالِ دون النّساء اللاتي لمْ يحضَيْن به حتى القرن الثاني عشَر..
❝❞❝❞
تمت مُعارضةُ هذا الاحتفال من قبل الكنيسة في الدّيانة المسيحية..
وكان لدى رجالِ الدِّين إيمانٌ بأن جميع النّاس يُولدون بما يُسمى” الخطيئة الأصيلة” والتي نشأت منذ خُروج آدم عليه السلام من الجنّة…
ولم يكُن ذلك هو السّبب الوحيد لمُعارضتِهم، فالاحتفاء بأعياد الميلاد ارتبط لديهم بالآلهة الوثنية، مما حداهم لاعتبارِها مظهراً من مظاهِر الاحتفاء بالشيطان.
استمرت تلك المُعارضة حتى القرن الرّابع؛ حيث تخلّت الكنيسةُ عن تِلك الفكرة حينما تمّ تحديدُ عيد ميلاد المسيح…؛
ليبدأ الاحتفال به فيما يسمى بـ “الكريسمس”.
وفي أواخِر القرن الثامن عشر، أقام الألمان احتفالات عيد الميلاد للأطفال فيما يسمى كيندرفيست (Kinderfest)، وكانت عبارة عن كعكة عيد الميلاد المزيّنة بالشموع، وهي الأقرب لشكل الاحتفالات في عصرنا الحالي.
كانت الشموع توضع بعدد سنوات الطفل التي عاشها، وتُضاف واحدةٌ أخرى مع أمنيةٍ بأن يعيش على الأقل سنة أخرى..
❝❞❝❞
وبعد أن كانت الكعكة عبارة عن دقيقٍ وعسل، تم اضافة الكثير من التّعديلات والإضافات الداخلية والخارجية لتزيينها.. ولكنها بحُلّتها الجديدة كانت حكراً على الأغنياء وذلك لارتفاع كُلفتها؛ ليتم اعتبار ذلك النّوع شكلاً من أشكال الرفاهية المتاح فقط للأثرياء.
حتى جاءت الثورةُ الصِّناعية، والتي سمحت بانتشار هذا النّوع من الاحتفالات في جميع الثقافات..
وأصبحت المواد التي يُعد مِنها الكعْك متاحةً بِشكلٍ واسع، مما سمح بتوفير الكعْك المُعدِّ مُسبقا كما في وقتِنا الحاضر.
❝❞❝❞
هل فتحْتُ شهيَّتك لتناول قِطعة كعْك..
انتظر قليلا…
لتسمَع قِصّة أُغنيةِ عيدِ الميلاد الشهيرة “هابي بيرث دي” (Happy birthday)، أو “عيد ميلاد سعيد”…
فتِلك الأُغنية التي رافقت أجيالاً عدة، ومازالت…جاءت بالصُّدفة..
فقد كانت كلماتها في الأصْلِ “صباحُ الخير للجميع” (good morning all)؛
حيث قامت الأختان باتي و ميلدريد هيل، وهما معلمتان، بكتابة أغنية (good morning all) في العام 1893م؛ ليتم نشُرها في كتاب مع عدد آخر من الأغاني وذلك كي يقوم الأطفال بِغناءها في الصّف قبل بداية اليوم مع معلماتهم..
وفي عام 1924م قام روبرت كولمان بنشر كتاب للأغاني تضمن هذه الأغنية مع بعض التعديلات على افتتاحيتها دون أخذ الإذن بذلك. لتصبح “هابي بيرث دي تو يو” بدلاً من “صباح الخير أعزّاءنا الأطفال”. وعلى مدار عشر سنوات تم التّعديل على الكلِمات حتى انتشرت تلك الكلمات الجديدة والمعروفة اليوم باسم أغنية الميلاد أو Birthday song.
في العام 1934م، تم رفع دعوى قضائية من قبل إحدى أخوات المعلمتين “هيل” باعتبار أنّ أخواتِها يحملن حقوق مُلكية اللّحن الذي تمت سرقته عدة مرات؛ وربحت الدعوى حيث تم ايقاف التعامل باللحن.
تفاجأ الناس في العالم بأن هذا اللحن الذي رافق أعياد ميلادِهم تم حفظ حقوق نشره. فتوقف الاتحاد الغربي، الذي كان يُرسل تقريباً نصف مليون تهنئة مُغنّاة في أعياد ميلاد الأشخاص عبر الهاتف، عن استخدام الأغنية.
كما قامت أيضاً أوركسترا برودواي الموسيقية بحذف اللحن اللذي كان يُعزف يومياً مع مجموعة من الألحان بعنوان “آلاف التهاني”.وذلك حتى لايُضطرّون لدفع حقوق النّشر.
وتقدر العائدات السنوية للشركة التي تملك حقوق اللحن من جراء استخدامه بمليوني دولار.
في العام 2015م، أصدر قاضٍ في محكمة جزئية أمريكية حُكما بعدم قانونية مطالبات الشركة وأنّ الأغنية لم تعد خاضعةً لحقوق النّشر والطّبع، مايعني أن الأغنية التي يبلغ عُمرُها 120 عاماً أصبحت مُلكِيَّة عامة، وذلك بعد مرورِ ثمانين عاماً على حفظ حقوق نشرها.
♬♬♬
لكُلّ شيءٍ قصّة…
فمُعظم العادات التى نقوم بها اليوم أتت بها صُدفة..
والبعضُ الآخر أتي لهدفٍ قد لا نعرف عنه شيئاً..
فـ هل تكْترِث لكُلِّ ذلك..؟!
وهل ستنظُر لتفاصيل عيد ميلادك القادم بعينٍ مُختلفة..؟
أيّاً كانت إجابتك..
وأيّاً كانت العادة التي أوجدْتها أو اعتدت عليها حينما تحتفل به؛
تذكر.. أنه في مثل هذا اليوم، أشرقت شمسُك “أنت”..
فهو عامك..
هو بداية سنة جديدة..
قد لاترى الألعاب النّارية في السّماء احتفاءً به..؛
لكن سمَاءك احْتفت بِك..
بعددِ النّعم التي تحُفُّك…
بعددِ القُلوب التي تُحِبُّك..
وتلك التي بقيَت معك وأنت تدخُل عامك الجديد…
فــ كُلّ عيدِ ميلادٍ وأنت بـ بهْجة الأماني المُحقّقة..
♬♬♬
استمتعت بالقراءة من شدة جمال السرد (دخلت جو)
ولأنهُ عيد ميلادك ” لحسن الحظ أنكِ ولدتي ولحسن الحظ أنك موجودة ” 🎂💙
بگد الغيم و المطر
بگد الاغصان و الشجر
بگد النهر و البحر
بگد الارض والقمر
بگد الاصغر والاكبر
اتمنالج عيد ميلاد سعيد وبكيكه اكبر 🙂
ويارب الجاي يكون سعاده اكثر