تجاوز المحتوى
يطوي الحزن أيامي ليلف بها جراحا لم تتخثر بعد..؛
ويمتص منها شيئاً من نشوة انتصاراته على نفسي المتهاكلة؛
ثم ينفثها سموما تقتل بقايا ذرات تبحث عن حياة في رئتي..
لكل شيء هنالك مفترق يتعاطي تسيير الداخلين والخارجين؛
لكن أن يتحول هذا المفترق لمبكى يحمل صور أحباب ودعتهم؛
وأي حبيب أعز منك والدي؟
وأي حزن يمكنه أن يروي عطش شوق يحملك إلي في كل لحظه..؟
أتدري عن غزة ياأبي؟
لقد غزت جراحي بفقدك والله!
تعاظمتِ أيها الأحزان حتى أصبحت جزءاً من تضاريس أيامي؛
لتتسع خارطة أوجاعي التي لن تنتظر طويلا لتقذف حمما تلعن عجزي
وتلعن وجودا لامعنى له!..
أتدري ياوالدي أني أحتاج يدك الحانيه كل حين،
وكلما همت الثواني بالرحيل؟
فمن يحنو على غزة؟؛
وقد أشاب قلبها الهم!
من يدفيء غزة في ليالي البرد القارس؟!
من يضمها لصدره ليمسح عن جبينها شيئا من وجع السنين؟!
لم أجد مايعزيني بفقدك ياحبيب كل أيامي!؛
وغزه لم تجد من يعزيها فكبف بما يعزيها !
أشعر بالغربة دونك؛
كل شيء باهت لالون يستطيع شربه ولا طعم يمكنه استساغته!
كل شيء جامد لاحياة تسكنه!،
شجرة مثمرة كانت أيامي؛
واليوم تساقطت أوراقها ولم تعد الثمار تجد ما يحميها فذوت واضمحلت!
فكيف بها غزة وقد عاشت الغربة منذ عقود؟!،
وتجرعت مرارة الوحدة والعوز دون أن تطأطيء الرأس!،
لكنها ماوجدت من يسجلها ملحمة يتعلمها العالم الأصم!
ولم تجد من يرسمها لوحة يحصى برؤيتها العميان خيباتهم وهوانهم على أنفسهم قبل الناس!
يقتلني الحزن مع إيماني ويصعد عقلي فوق غيمات يود لو تذهب بي ولو لثانية أودعك فيها؛
وأقول لك كم أحبك،
وكم أشتاقك،
وكم أود لو تزورني كل ليلة ولو أثناء اغماضة جفني؛
علك تأخذني
حتى يرتاح مني الحزن!
فكيف بك غزة؟،
أيتها الأم الثكلى!
كيف بك وقد سلبوك أبناءك؟!
دونما قبلة وداع منك!
كيف بك وقد قرأت لهم حكاية صلاح الدين ودثرتهم لصباح جميل؛
لكنهم ماحلموا حتى به،
وقد باغتتهم الصورايخ!
كيف بك وأنت تركبين أجزاءهم المبعثرة؛
لكيلا يستوحشوا إن استيقظوا ولم يجدوها بجانبهم تحت التراب!
كيف بك وأنت تعيدين حفر القبور القديمة لتدفيء أشلاءهم؛
بعدما غصت المقابر بفلذات كبدك!
أي حزن هذا الذي سيوازي حزنك ياحبيبتي؟
وأي جرح هو أعمق من جرحك؟
وأي شموخ تحمله الجبال الراسيات أمام شوخك!
كل شيء يصغر أمامك!
كما أصغر أنا وأختفي؛
مذ عرفت بعجزي
فرحمك الله ياوالدي ورحمني معك..
كن أول من يعلق على المقالة